رحلة سياحية إلى ليبيا

يعتبر
جامع مصطفى قرجي من أغنى المساجد والجوامع بالزخارف التي تزينه مما يجعله
كنزا معماريا وفنيا يمثل الغنى الزخرفي الذي يصل لدرجة الترف والإسراف .
على
الرغم من أن هذا الجامع قد شيد في النصف الأول من القرن لتاسع عشر إلا
أننا لا زلنا نلمح ونلاحظ التأثير الزخرفي القديم وخاصة الزخارف المنحوتة
على الرخام والحجر .
ومن
المعروف أن هذا الجامع قد شيده مصطفى قرجي سنة 1834م و الذي كان يشغل منصب
رايس المرسى البحري وتفيد المصادر التاريخية إلى أنه كان صهرا لوالي
طرابلس يوسف باشا القره مانللي الذي حكم طرابلس من الفترة 1795 إلى الفترة
1832 وكان قرجي أحد ثقاته والمقربين له .
والجامع
عبارة عن بناء مقام على أرض مربعة الشكل تقريبا لها واجهتان رئيستان
الأولى إلى الجهة الشمالية الغربية بالزنقة الضيقة قبالة قوس ماركوس
أوريليوس والثانية إلى الشمال الشرقي بشارع الأكواش.
وفي
جدار هذين الواجهتين من الخارج نجد المدخلين الرئيسيين للجامع وكذلك مدخل
الضريح وقد أخذا نفس المعمار السائد في المدينة حيث التقويس والزخارف
المنحوتة والبارزة على شكل وردة .
أما فيما يتعلق بصحن المسجد فهو يشمل العديد من مكونات الجامع كدورات المياه وميضأة المصلين والمقبرة التي دفن بها مصطفى قرجي .
ومن
ضمن مكونات الصحن المئذنة التي ترتفع عن أرضية الجامع حوالي 25 متراً
تقريبا وهي ذات طابع معماري فني رائع حيث توجت المئذنة بشرفتين مختلفتي
المساحة وزخرفتا بالرخام الأخضر البارز لتعلوهما الصومعة الخضراء ذات
البناء الهرمي الشكل لتكون مئذنة هذا الجامع من أبرز وأجمل مآذن جوامع
طرابلس القديمة ذات الطابع الخاص والمميز.
أما
بيت الصلاة فقد خصص لدخوله ثلاثة أبواب رئيسة تأخذ الشكل المقوس وتتخللها
الزخارف الهندسية الرخامية وبعض النحوت البارزة على شكل الوردة .
ويتكون
بيت الصلاة من تسعة أعمدة رخامية طويلة (( ومن يزر الجامع يلاحظ تأثير فن
العمارة الأوروبية في هذه الفترة في كل الأعمدة الرخامية وتيجانها في داخل
بيت الصلاة وهذه الأعمدة من النوع التوسكاني المجدد)) تعلوها خمس عشرة قبة
ذات انحناءات مقوسة الشكل تخللتها العديد من الزخارف والرسومات وآيات
قرآنية بالخط الأندلسي العتيق .
ويتوسط
بيت الصلاة المحراب وإلى جانبه المنبر الذي صنع من الرخام وزخرف بزخارف
رخامية مطعمة بألوان كثيرة تمثل عناصر نباتية مختلفة أما الجدران فقد زينت
بزخارف رخامية لأنواع مختلفة من النباتات والأزهار والأشكال الهندسية .
والجدير بالذكر يعتبر جامع مصطفى قرجي صورة مصغرة في العمارة والفن من جامع أحمد باشا بالرغم من الفارق الزمني الطويل بين بنائهما .
كما
أن الجامع قد تأثر تأثراً واضحاً بالفن المعماري الأوروبي الذي لم يقتصر
فقط على استخدام الرخام المطعم أو بعض العناصر الزخرفية الكلاسيكية بل
تعداه في كثير من أنواع البلاطات التي تغطي جدران المسجد من الداخل والخارج
.

رحلة سياحية إلى ليبيا Tripolimedina9